العباية الإماراتية تدخل سباق الموضة وتستنزف جيوب الفتيات
تعكس العباية التي تتزين بها المرأة الإماراتية فخامة كبيرة من خلال الرسومات والنقشات المبتكرة، فبات القماش الأسود للعباية يبرق ويلمع وتداخلت فيه الألوان ليتماشى مع العصر الحالي الذي يهتم بالأزياء، ولم ترتض الفتاة الإماراتية أن تحجبها العباية عن متابعة الموضة العصرية فأصبحت تبتكر أشكالا وتطالب بخياطة معينة، فبدأت المحلات التي تنتشر في كافة أنحاء الدولة بابتكار أفكار جديدة لتلبية متطلبات العصر ومع هذه النقلة أصبحت الأسعار خيالية تفلس الجيوب بما يبهر الأنظار.
وبالرغم من أن بعض المحلات تفردت بخياطتها للعباية الإماراتية إلا أنها بالغت في أسعارها ليصل سعر العباية إلى 3000 درهم والحد الأدنى للعباية المميزة بقليل من التطريز على الأكمام يصل سعرها من 1500 درهم إلى 1700 درهم، حتى باتت معظم الفتيات يتجهن إلى المحلات غير المشهورة في الدولة لخياطة العباية لتحافظ على ميزانيتها وتبدأ سمعة المحل بالانتشار لقلة أسعاره وما أن يبدأ الزحام على المحل حتى يقوم هو الآخر برفع أسعاره تماشيا مع الموجة المنتشرة لزيادة الأسعار لعدم وجود جهاز رقابة يحمي المستهلك من الاستغلال الجائر.
استطلعت «البيان» آراء الفتيات حول أسعار العبايات حيث أبدين دهشتهن من كثير من المحلات التي رفعت الأسعار بشكل جنوني ودون أسباب معقولة في ظل غياب الرقابة.
وتقول نورة عبدالله إن العباية واجهة لكل فتاة تميزها في مظهرها الخارجي لذلك تسعى الفتاة الإماراتية بحكم عملها إلى الاهتمام بصورة لائقة بعبايتها التي تمثل لها الأناقة، ولكنها تستنكر الأسعار المرتفعة التي باتت تقصم الظهور، فالعباية «السادة» يصل سعرها إلى 220 درهما ووضع بعض التطريز على الكمين يضاعف السعر ليصل إلى 1000 درهم.
في حين أن الملابس المطرزة المشهورة في الدولة والتي تتميز هي الأخرى بالابتكار والدقة في التطريز لم تصل فيها الأسعار لهذه الدرجة بالرغم من أن التطريز يشغل مساحة كبيرة على الكمين والصدر ويصل فيها السعر من 300 درهم إلى 500 درهم أما العباية فتواصل أسعارها في الارتفاع .
مشيرة إلى أن بعض المحلات ترجع السبب إلى الخياطة المرتبة والأفكار الجديدة والى استخدام «الشوارسكي» الذي هو عبارة عن كريستال لامع من النوع الممتاز، وهي ليست ضد أي ابتكار ولكنها تجد أن الوضع بات لا يطاق ولا يوجد مخرج للفتاة سوى الانصياع للمحلات الكبرى للعبايات للمحافظة على أناقتها فهي لاحظت أن المحلات الأخرى لا تقدم نفس المستوى في التطريز والخياطة لديهم رديئة جدا والخامة المستخدمة ذات أجل قصير أي أن لونها يبهت بسرعة .
وسعرها ليس بالرخيص فالفارق بسيط من 150 إلى 200 درهم، لذلك تناشد المسؤولين ضرورة كبح جماح الأسعار المرتفعة التي باتت تؤثر على الحياة المعيشية في الدولة، فكل متجر ومحل في الدولة بات لا يهتم بالنداءات المتكررة من قبل المسؤولين فكل يلعب على هواه فهذا يعرض نفس السلعة بسعر في حين الآخر يعرضها بسعر آخر.
وترى أم فيصل أن سعر العباية فاق التصور خاصة في أيام العيد وزيادة الطلب حيث باتت تشكل أقساطا ربع شهرية في سبيل الاهتمام بالمظهر الخارجي التي تعكسه العباية بصورة واضحة، فبات القماش الأسود يتزين بالألوان والنقوش المختلفة لتبرز شخصية كل فتاة.
وتستغرب أم فيصل من عدم وجود رقابة على السوق الإماراتي الذي يدفع العديدين إلى تناسي الضمير والمغالاة في الأسعار في سبيل تحقيق الربح السريع، فليس من المعقول أن تصل أسعار العباية إلى آلاف الدراهم ، في حين أن المحلات غير المشهورة تقوم بخياطتها بأقل الأسعار وما أن يبدأ الناس بالتهافت عليه حتى يقوم هو الآخر برفع أسعاره ولا تستطيع الفتاة سوى مجاراة الوضع لغياب أجهزة الرقابة الفعلية في الدولة ولضياع حق المستهلك.
وترى نجاة عبد الله موظفة في دائرة الصحة أن الإماراتيات أصبحن يتباهين بلبس الأشكال المختلفة من العبايات، حيث اختلفت الموديلات باختلاف المناسبات واختلفت الشيل من السادة إلى الملونة والمطرزة وبأسعار خيالية خاصة عندما تحمل ماركات عالمية مشهورة يصل فيها سعر الشيلة إلى 800 درهم.
وبما أن المرأة الاماراتية باتت تعتلي مناصب مهمة في الدولة فالاهتمام بأناقتها يفرض عليها اختيار العباية المناسبة خاصة عندما تمثل الدولة فالمظهر الخارجي صورة تعبر عن الشخصية ذاتها وتمثل أيضا الهوية الإماراتية دون المغالاة في التزين بل الحرص على الترتيب واختيار العباية المناسبة التي لا تبعد المرأة الإماراتية عن قيمها وعاداتها.
وتقول أسماء عبدالله أصبحت للعبايات مسميات غريبة مثل الفراشة والخفاش، بل أصبحت عجيبة خاصة موضة العبايات التي تحمل قصائد شعرية مزخرفة من الخلف تبدأ من الأعلى حتى الأسفل، مشيرة إلى أن أسعار العبايات باتت لا تطاق لتسلقها السلم التصاعدي للأسعار كل بضعة أشهر، فمعظم العبايات يبدأ سعرها من الألف درهم وصعودا إلى آلاف الدراهم في حين أن الرواتب مازالت ثابتة لا تستطيع مقاومة لهيب الأسعار الذي أدخل معظم الناس في دائرة الديون والسلفيات البنكية.
والغريب أن بعض المحلات في الدولة تتبع سياسة التصميم الواحد وهو أن يقوم بخياطة عبايات ذات تصميم منفرد لا يمكن تكراره، ليقوم ببيعه بسعر عالٍ جدا يبدأ من 3000 آلاف درهم حتى 7000 آلاف درهم للفتيات اللواتي يعشقن التميز والتفرد، وللأسف بعض هذه الفئات تشجع تلك المحلات على المغالاة في الأسعار في سبيل التباهي باسم المحل المعروف بأسعاره المرتفعة لتعكس صورة الفتاة الغنية.
وتوافق المهندسة عائشة محمد أن هناك عبايات تصاميمها غريبة ومضحكة جدا لا تتناسب مع العادات والتقاليد الإماراتية، والموضة لا تعني الانصياع والجريان خلف ما هو غريب وجديد بل الموضة هي لبس ما يتناسب مع الشخصية مع مراعاة أن العباية هي لباس للحشمة .
وليس للعرض، وتستغرب عائشة من المحلات التي باتت لا تراعي الزبائن في سبيل الربح السريع، فكل محل يضع ويحدد أسعاراً تناسبه، وتلجأ بعض المحلات المشهورة إلى سرقة تصاميم بعض الفتيات اللواتي يصممن عباياتهن وفق رغباتهن بعد إلحاح شديد من المحل بأنه مستعد لتقبل جميع الأفكار والابتكارات وانه سيحرص على عدم تكرارها .
وذلك في سبيل اكتساب تصميم جديد يرفقها إلى كتالوج محله بالرغم من أنه يأخذ ضعف المبلغ لتصميم عباية غير مدرجة في ضمن تصاميم المحل. وتضيف أسماء المنهالي موظفة في جامعة زايد بأبوظبي أن العباءة تعتبر جزءا لا يتجزأ من لباس المرأة الإماراتية وهي رمز للحشمة وتعبير واضح عن الدين الإسلامي الذي يحث المرأة على الاحتشام في لباسها والابتعاد عن إبراز مفاتن الجسم.
إلا أنها في الوقت الحالي باتت تخرج عن هذا النطاق لدى عدد من الفتيات والسيدات في المجتمع لمسايرة العصر باتباع موضة تضر بالهوية الإماراتية وتسيء إلى المرأة في الإسلام وذلك باختيار عبايات ملفتة تبرز مفاتن الجسد وذلك بتضييقها أو باختيار أقمشة شفافة .
وأضافت ان العباءة الإماراتية لا تزال جزءاً مهماً لمواجهة العولمة وللحفاظ على الهوية، وبالرغم من ذلك دخلت العباءة الإماراتية عالم الموضة والتغيير، لتدخل عالم الألوان والتصاميم الغريبة وباتت أسعارها تفوق التصور في سباق مع الموجة المتصاعدة في سوق الدولة الذي اختفت فيه أجهزة الرقابة وجمعيات حماية المستهلك ليصبح الزبون ضائعاً في دوامة الاستغلال.
ولتصبح العباية لدى البعض جزءاً يعبر عن قيمة المرأة ليبدأ السباق في ابتكار تصاميم تصل لحد فستان عرس أو سهرة يخرج العباية من شكلها ومضمونها فتصبح براقة لامعة حتى يكاد اللون الأسود لقماش العباية يختفي وذلك في سبيل الوصول إلى الفخامة.
وتضيف أسماء أنها ليست ضد التغيير ولكن في حدود المعقول الذي لا يخرج العباية الإماراتية عن مضمونها.
وتقول ابتسام النقبي موظفة في جامعة زايد بأبوظبي إن لبس العباية في مجتمعنا الإسلامي الخليجي له سمة وهدف ألا وهو الستر والحشمة.
وما نراه في أسواقنا هذه الأيام يعصف بكل صفات وعناصر الحشمة والستر، فأصبحت العباية رمزاً للحالة المادية والبهرجة وحضور الشكل، ومن هنا نستخلص جشع وطمع المتخصصين بعالم العبايات وأشكالها، فأصبحت لها تقليعات وصرعات. وتضيف لا ضير أن يلبس المرء الشيء الطيب ويتزين لكن في حدود المعقول.